جوزيف نانوممثل قدير من الزمن الجميل ورغم ابتعاده عن لبنان، منذ السبعينيات وحتى وفاته وعدم مشاركته في أية أعمال منذ ذلك الحين، إلا أنه عالق في أذهان ووجدان كل من عاصر الحقبة الذهبية لتلفزيون لبنان وعشاق الفن الحقيقي، هو أحد وجوه الأصالة والإبداع اللبناني، التي لم تمحُها من الذاكرة غربة ولا رحيل بالجسد.
تميّز بملامحه القاسية التي سهّلت على المنتجين إسناد دور الشرير له وكذلك الأدوار المركبة والمعقدة، كما أن صوته الهادر لا يزال يتردد على مسامعنا، بقوته ورخامته وقد أغنى مكتبات الإذاعة بآلاف الحلقات وحضوره طبع أدواراً لن تتكرر في أكثر من 2000 حلقة تلفزيونية و30 فيلماً سينمائياً وعشرات المسرحيات، وحفظ الصغار صوته خصوصاً الجيل الذي تربى على المسلسلات الكرتونية "السنافر" فقد جسّد شخصية شرشبيل الشهيرة، والعديد من الشخصيات غيرهامثل الطبيب القاضي في "جزيرة الكنز"، والطائر أميرك في "مغامرات نيلز" والساحر الاكبر والد الاميرة ضياء وزعيم اللصوص في "مغامرات سندباد"، وفي "بيل وسباستيان" اللص مندوزا الذي كان يحاول سرقة بيل، وأيضاً المفتش الذي كان ينوي القبض على الكلب بيل، إضافة الى دور القاضي في المسلسل نفسه.
نشأته ومسيرته
ولدجوزيف نانوعام 1935 في بيروت، ولم ينل تعليماً جامعياً إذ أجبره مرض "التيفود" على مغادرة مقاعد الدراسة عندما كان في العاشرة، فعمل على الآلة الكاتبة في المحاكم اللبنانية، لكن الهواية والصوت فتحا له باباً إلى الفن بكل أشكاله: المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة والدبلجة الخاصة بالرسوم المتحركة.
بدايته الفنية كانت في مسرحية مدرسية وكان عمره 15 سنة، ومن ثم انتسب إلى فرق فنية من الهواة، وكانت مشاركاته في مسرحيات بأدوار صغيرة لنحو عشر سنوات. وقد احتاجت فرقة من الهواة لشخص يؤدي دوراً في مسرحية "صلاح الدين الأيوبي"، وأبدع جوزيف نانو في الدور الموكل له، فنجح أيضاً في أداء دور آخر اتسم بالشر في إحدى مسرحيات المسرحي اللبناني سمير فوزي، لينجز نحو 20 عملاً مسرحياً.
من المسرح للإذاعة والتلفزيون والسينما
فاز جوزيف نانو في مسابقة لتقليد الأصوات، أجرتها إذاعة "BBC"، وانطلق منشداً ومقلداً وممثلاً.
إنتسب إلى الإذاعة اللبنانية مغنّياً بصوت رومانسي في ذاك الوقت، وقد غنى سبع أغنيات وكان يقلد أداء الفنان فريد الأطرش، ومن ثم ترك الغناء لأنه لم يكن قد درس فنون الموسيقى والعزف واتجه الى التمثيل. في"تلفزيون لبنان والمشرق" بدأ بدور في مسلسل "كان يا ما كان" وانطلق بعده، فكانت حصيلة مشواره الفني أكثر 2000 حلقة تلفزيونية، 30 فيلماً سينمائياً، 24 مسرحية وعدداً من الساعات الإذاعية.
برغم سنوات دراسته القليلة كان يمتاز بفصاحة لسانه ولغة عربية متقنة، وهذا ما جعل اسمه لامعًا في مسلسلات تاريخية منها الحجاج بن يوسف الثقفي. وفي السينما، كان نانو ممثلاً مشاركاً في أفلام عدة، منها: "كلنا فدائيون"، و"الأجنحة المتكسرة"، و"العمياء"، و"طريق الخطايا"، وشارك في مسلسلات، منها: "القناع الأبيض" و"البخلاء". مسلسلات "النهر" للكاتب الراحل مروان العبد ، "العاصفة تهب مرتين" و"نساء في العاصفة" للكاتب شكري أنيس فاخوري، وحينها كان جوزيف نانو من أبرز وجوه تلفزيون لبنان .
ومن الأفلام التي شارك فيها نذكر "حسناء وعمالقة" ، "نساء في خطر" ، "بنت الحارس".
هجرته ووفاته
ومثل كثيرين من أبناء بلاده، هاجر جوزيف نانو الأب لأربعة أولاد من لبنان، بعد إندلاع الحرب في لبنان في العام 1978 مع زوجته وأولاده الأربعة، فإستقروا في السويد البعيدة، وظل الحنين لبلده يرافقه في الغربة، ورحل جوزيف نانو إثر نوبة قلبية مفاجئة، إذ توفي بإحدى مستشفيات السويد في 21 أيار/مايو عام 2016، عن عمر يناهز الـ81 عاماً.